أحمد مطر


غربة كاسرة

ربّ
طالت غربتي
واستنزف اليأس عنادي
وفؤادي
طمّ فيه الشوق حتى
!بقيّ الشوق ولم تبق فؤادي
أنا حيّ ميتٌّ 
دون حياة أو معاد
وأنا خيط من المطاط مشدودٌ
.إلى فرع ثنائيّ أحادي
كلما ازددت اقتراباً
!زاد في القرب ابتعادي
أنا في عاصفة الغربة نارٌ
يستوي فيها انحيازي وحيادي
فإذا سلمت أمري أطفأتني
.وإذا واجهتها زاد اتقادي
!ليس لي في المنتهى إلاّ رمادي
وطناً لله يا محسن
…حتى لو بحلم
أكثير هو أن يطمع ميت
!في الرقاد؟
…ضاع عمري وأنا أعدو
فلا يطلع لي إلا الأعادي
وأنا أدعو
فلا تنزل بي إلا العوادي
كلّ عين حدّقت بي
!خلتها تنوي اصطيادي
كلّ كف لوّحت لي
!خلتها تنوي اقتيادي
…غربة كاسرة تقتاتني 
والجوع زادي
لم تعد بي طاقة
يا ربّ خلصني سريعاً
!من بلادي


مفترق


.يولد الناس جميعاً أبرياء
فإذا ما دخلوا مختبر الدنيا
رماهم وفق مرماهم بأرحام النساء
:في اتجاهين
..فأما أن يكونوا مستقيمين
!وأما أن يكونوا رؤساء 


دمعة على جثمان الحرية


أنا لا أكتب الأشعار فالأشعار تكتبني
أريد الصمت كي أحيا
ولكن الذي ألقاه ينطقني
ولا ألقى سوى حزن، على حزن، على حزن
أأكتب أنني حي على كفني؟
أأكتب أنني حر، وحتى الحرف يرسف بالعبودية؟
لقد شُيعت فاتنة، تسمى في بلاد العرب تخريبا
وإرهابا
وطعنا في القوانين الإلهية
...ولكن اسمها والله 
! لكن اسمها في الأصل حرية


مجاعة الشبعان 

قبلت كف الجوع
وقلت مرعاك دمي
ما دمت ترعى في فمي
!حرية الينبوع
ياصاحبى… يا جوع
بعدك لا قصائدي قصائدي
ولا يدي تعرف ما خطت
!يدي
اكتب… لك قلمي
من قلمي منزوع
اهتف… لكن فمي
!بلقمتي مرقوع
البيت ابنيه أنا في سنة
لكن من يبتاعه
!يهدمه علي في اسبوع
ابحث عن مقطوعتي
فلا أرى منها سوى
ذراعها المقطوع
أو رأسها المصدوع
.أو انفها المجدوع
تكسرت أصابعي
ولم أزل في أول المشروع
…اكتب لا
!يجعلها لا تكذبي
…اكتب زور الأجنبي
!تصبح زارنا النبي
…اكتب لو أن الحكو
!يقول لي: ممنوع
اكتب لو أن… فقط
!يقول لي: ممنوع
اكتب لو اكتب لو
!يقول لي: ممنوع
اترك صفحتي له خالية
يصرخ كالملسوع: ممنوع
!غير لنا الموضوع

يا جمري المنقوع
يا خفضي المرفوع
يا صمتي المسموع
كم ثمن دفعته
للثمن المدفوع
شبعت جوعا بعدما
!فارقتني يا جوع

كيف تأتينا النظافة؟


العِرافَة
جثة مشلولة تطوي المسافة
بين سجن وقرافة
والحصافة
!غفوة ما بين كأس ولفافة
والصحافة
خرق ما بين أفخاذ الخلافة
والرهافة
خلطة من أصدق الكذب
ومن أفضل أنواع السخافة
والمذيعون.. خراف
والإذاعات.. خرافة
وعقول المستنيرين
!صناديق صرافة
!كيف تأتينا النظافة؟
غضِب الله علينا
ودهتنا ألف آفة
منذ أبدلنا المراحيض لدينا
!بوزارات الثقافة 

فصيحنا

فصيحنا ببغاء
قوينا مومياء
ذكينا يشمت فيه الغباء
ووضعنا يضحك منه البكاء
تسممت أنفاسنا حتى نسينا الهواء
وامتزج الخزي بنا حتى كرهنا الحياء
يا أرضنا، يا مهبط الأنبياء
قد كان يكفي واحد لو لم نكن أغبياء
يا أرضنا، ضاع رجاء الرجاء
فينا ومات الإباء
يا أرضنا، لا تطلبي من ذلنا كبرياء
قومي احبلي ثانية
!واكشفي عن رجل لهؤلاء النساء 

يوسف في بئر البترول

سبع سنابل خضرٍ في أعوامي
تذوي يابسة في كف الأمل الدامي
أرقبها في ليل القهر
تضحك صفرتها من صبري
وتموت فتحيا آلامي
يا صاحب سجني نبئني
ما رؤيا مأساتي هذي
فأنا في أوطان الخير
ممنوع منذ الميلاد من الأحلام
وأنا أسقي ربي خمراً
بيدي اليمنى
ويدي اليسري تتلقى أمر الإعدام
وأرى قبري ممنوعاً في كل بلادي
وأرى ملك الموت يجرجر روحي
أبد الدهر
ما بين نظام ونظام
وأرى حول البيت الأسود بيتا أبيض
يرمي الجمرات على صدري
ويقبل خشم الأصنام
ويحد السيف على نحري
يوم النحر
وأرى سبع جوارٍ كالأعلام
غصّ بهن ضمير البحر
تحمل عرش عزيز النصر
الثور الثوري
بطل العنف الثوري
وعروش الأنصاب الأخرى والأزلام
وأراها تحت الأقدام
تشجب ذل النصر
وتنادي بجهاد عذري
made in USA
من سابع ظهر
يمضي بالفتح إلى النثر
ويخط سطور الإقدام
ويعيد الفتح الإسلامي
بصهيل الرولييت الجامح
من فوق الرايات الخضر
أو تطويق عذارى الشرك
بيوم الثأر
فوق الخصر 
وتحت الخصر
منذ حلول الليل
وحتى الفجر
وأنا أرقد في غيابة بئري
أشرب فقري
رغم البرد ورغم ظلامي
وتمر السيارة تشري
من بقيا جلدي وعظامي


شروط الإستيقاظ

- أيقظوني عندما يمتلك الشعب زمامه
عندما ينبسط العدل بلا حدٍ أمامه
عندما ينطق بالحق ولا يخشى الملامة
عندما لا يستحي من لبس ثوب 
الإستقامة
ويرى كل كنوز الأرض
لا تعدل في الميزان مثقال كرامة
 سوف تستيقظ.. لكنْ
ما الذي يدعوك للنوم
!إلى يوم القيامة؟ 


السلطان الرجيم

شيطان شعري زارني فجن إذ رآني
أطبع في ذاكرتي ذاكرة النسيان
وأعلن الطلاق بين لهجتي ولهجتي
وأنصح الكتمان بالكتمان
قلت له: "كفاك يا شيطاني،
فإن ما لقيته كفاني
إياك أن تحفر لي مقبرتي بمعول الأوزان
فأطرق الشيطان ثم اندفت في صدره حرارة الإيمان
وقبل أن يوحي لي قصيدتي
خط على قريحتي
!"أعوذ بالله من السلطان" 

نهاية المشروع

أحضِر سلة
ضع فيها أربع تسعات
ضع صُحُفاً مُنحلة
ضع بوقاً
ضع مذياعاً
ضع طبلة
ضع سِكيناً
ضع حبلاً
ضع شمعاً أحمر
ضع قُفلاً وتذكر قفله
ضع كلباً يعقِرُ باجُملة
يسبِقُ ظِله
يلمحُ حتى الاأشياء
ويسمعُ ضحِك النملة
واخلُط هذا كُله
وتأكد من غلق السلة
ثُم اسحب كُرسياً واقعُد
فلقد صارت عِندك دولة

الحارس السجين

بيني وبين حارسي جدار
وفتحة في ذلك الجدار
يرى الظلام من ورائها وأرقب النهار
لحارسي ولي أنا صغار
وزوجة ودار
لكنه مثلي هنا، جاء به وجاء بي قرار
وبيننا الجدار
يوشك أن ينهار

سيرة ذاتية

(1)
نملة بي تحتمي
تحت نعلي ترتمي
..أمِنت
منذ سنين
!لم أحرك قدمي
(2)
..لست عبداً لسوى ربي
وربي: حاكمي!
(3)
كي أسيغ الواقع المر
أحليه بشيء
!من عصير العلقم
(4)
منذ أن فرّ زفيري
معرباً عن ألمي
!لم أذق طعم فمي
(5)
..أخذتني سِنة من يقظة
في حلمي
!أهدر الوالي دمي
(6)
جالس في مأتمي
أتمنى أن أعزيني
وأخشى
!أن يظنوا أنني لي أنتمي
(7)
عربي أنا في الجوهر
لكنْ مظهري
!يحمل شكل الآدمي 

حجة سخيفة

بيني وبين قاتلي حكاية طريفة
فقبل أن يطعنني حلفني بالكعبة الشريفة
أن أطعن السيف أنا بجثتي
فهو عجوز طاعن وكفه ضعيفة
حلفني أن أحبس الدماء عن ثيابه النظيفة
فهو عجوز مؤمن سوف يصلي بعدما
يفرغ من تأدية الوظيفة
شكوته لحضرة الخليفة
فرد شكواي لأن حجتي سخيفة


بحث في معنى الأيدي

أيها الشعب
لماذا خلق الله يديك؟
ألكي تعمل؟
لا شغل لديك
ألكي تأكل؟
لا قوت لديك
ألكي تكتب؟
ممكنوع وصول الحرف
!حتى لو مشى منك إليك
أنت لا تعمل
..إلا عاطلاً عنك
!ولا تأكل إلا شفتيك
أنت لا تكتب بل تُكبت
!من رأسك حتى أُخمصيك
فلماذا خلق الله يديك؟
-أتظن الله -جل الله
..قد سوّاهما
حتى تسوي شاربيك؟
أو لتفلي عارضيك؟
..حاش لله
لقد سواهما كي تحمل الحكام
!من أعلى الكراسي.. لأدنى قدميك
ولكي تأكل من أكتافهم
ما أكلوا من كتفيك
ولكي تكتب بالسوط على أجسادهم
ملحمة أكبر مما كبتوا في أصغريك
هل عرفت الآن ما معناهما؟
إنهض، إذن
إنهض، وكشر عنهما
إنهض
!ودع كُلك يغدو قبضتيك
نهض النوم من النوم
!على ضوضاء صمتي
أيها الشعب وصوتي
لم يحرك شعرة في أذنيك
أنا لا علة بي إلاكَ
لا لعنة لي إلاكَ
إنهض
! لعنة الله عليك

اللغز

:قالت أمي مرة
يا أولادي عندي لغز من منكم يكشف لي سره
تابوت قشرته حلوى
ساكنه خشب والقشرة
قالت أختي: التمرة
حضنتها أمي ضاحكة لكني خنقتني العبرة
قلت لها: بل تلك بلادي

أجب عن أربعة أسئلة فقط

 ما هو رأيك في الماشين
من خلف جنازة رابين
 طلبوا الجر على عادتهم
ولقد ذهبوا
..ولقد عادوا
!مأجورين
 ماذا سأقول لمسكين
يتمنى ميتة رابين
! قل: آمين
 كيف أواسي المرزوئين
بوفاة أخيهم رابين
 إمزح معهم
إمسح بالنكتة أدمعهم
إرو لهم طرفة تشرين
دغدغهم بصلاح الدين
ضع في الحَطَّةِ كل الحِطَّة
!واستخرج أرنب حطين
 هاهم يبكون لرابين
!لِمَ لَمْ يبكوا لفلسطين؟
 لفلسطين؟
!ماذا تعني بفلسطين؟ 

منفيون

لمن نشكو مآسينا؟
ومن يصغي لشكوانا، ويجدينا؟
أنشكو موتنا ذلا لوالينا؟
وهل موت سيحيينا؟
قطيع نحن والجزار راعينا
ومنفيون نمشي في أراضينا
ونحمل نعشنا قسرا بأيدينا
ونعرب عن تعازينا لنا فينا
فوالينا، أدام الله والينا
رآنا أمة وسطا، فما أبقى لنا دنيا
ولا أبقى لنا دينا
ولاة الأمر : ما خنتم، ولا هنتم،
ولا أبديتم اللينا
جزاكم ربنا خيرا، كفيتم أرضنا بلوى أعادينا
وحققتم أمانينا
وهذي القدس تشكركم
ففي تنديدكم حينا
وفي تهديدكم حينا
سحبتم أنف أمريكا
فلم تنقل سفارتها
ولو نقلت - معاذ الله لو نقلت - لضيعنا فلسطينا؛ 
ولاة الأمر هذا النصر يكفيكم، ويكفينا
!تهانينا 

أسباب النزول

:قال لنا أعمى العميان
تسعة أعشار الإيمان
في طاعة أمر السلطان
حتى لو صلى سكران
حتى لو ركب الغلمان
حتى لو أجرم أو خان
حتى لو باع الأوطان
!أنا حيران
فإذا كانْ
فرعون حبيب الرحمن
والجنة في يد هامان
والإيمان من الشيطان
!فلماذا نزل القرآن؟
ألكي يهدينا مسواكا
نمحو فيه من الأذهان
بدعو معجون الأسنان؟
أم ليفصل دشداشات
تشبه أنصاف القمصان؟
..ألذلك قد أُنزل؟ كلا
ما أحسبه أنزل إلا 
!ليحرم شرب الدخان 


قلة أدب


قرأت في القرآن: تبت يدا أبي لهب
:فأعلنت وسائل الإذعان
إن السكوت من ذهب
أحببت فقري، لم أزل أتلو: وتب
ما أغنى عنه ماله وما كسب
فصودرت حنجرتي بجرم قلة الأدب
وصودر القرآن، لأنه حرضني على الشغب 


ديوان المسائل

إن كان الغرب هو الحامي
فلماذا نبتاع سلاحه؟
وإذا كان عدواً شرساً
!فلماذا ندخله الساحة؟

إن كان البترول رخيصاً
فلماذا نقعد في الظلمة؟
وإذا كان ثميناً جداً
!فلماذا لا نجد اللقمة؟

إن كان الحاكم مسؤولاً
فلماذا يرفض أن يسأل؟
وإذا كان سُمُوَّ إلهٍ
!فلماذا يسمو للأسفل؟

إن كان لدولتنا وزن
فلماذا تهزمها نمله؟
وإذا كانت عفطة عنـز
فلماذا ندعوها دولة؟

إن كان الثوري نظيفاً
فلماذا تتسخ الثورة؟
وإذا كان وسيلة بول
!فلماذا نحترم العورة؟

إن كان لدى الحكم شعور
فلماذا يخشى الأشعار؟
وإذا كان بلا إحساس
!فلماذا نعنو لِحمار؟

إن كان الليل له صبح
فلماذا تبقى الظلمات؟
وإذا كان يخلِّف ليلاً
!فلماذا يمحو الكلمات؟

إن كان الوضع طبيعياً
فلماذا نهوى التطبيع؟
وإذا كان رهين الفوضى
!فلماذا نمشي كقطيع؟

إن كان الحاكم مخصياً
فلماذا يغضبه قولي؟
وإذا كان شريفاً حرا
فلماذا لا يصبح مثلي؟

إن كان لأمريكا عِهر
فلماذا تلقى التبريكا؟
وإذا كان لديها شرف
!فلماذا تدعى أمريكا؟

إن كان الشيطان رجيماً
فلماذا نمنحه السلطة؟
وإذا كان ملاكاً برا
فلماذا تحرسه الشرطة؟

إن كنت بلا ذرة عقل
فلماذا أسأل عن هذا؟
وإذا كان برأسي عقل
فلماذا إن كان.. لماذا ؟

سفارة

يريدون مني بلوغ الحضارة
وكل الدروب إليها سدى
والخطى مستعارة
فما بيننا ألف باب وباب
عليها كلاب الكلاب
تشم الظنون، وتسمع صمت الإشارة
وتقطع وقت الفراغ بقطع الرقاب
فكيف سأمضي لقصدي وهم يطلقون الكلاب
على كل درب وهم يربطون الحجارة
يريدون مني بلوغ الحضارة
وما زلت أجهل دربي لبيتي
وأعطي عظيم اعتباري لأدني عبارة
لأن لساني حصاني كما علموني
وأن حصاني شديد الإثارة
وأن الإثارة ليست شطارة
وأن الشطارة في ربط رأسي بصمتي
وربط حصاني على باب تلك السفارة
وتلك السفارة

الرمضاء والنار

 ذلك المسعور ماض في إقتفائي
صُن حيائي
يا أخي أرجوك.. لا تقطع رجائي
صُن حيائي
! أنا يا سيدتي؟
!لكنني لص وسفاك دماء
 فلتكن مهما تكن 
ليس مهما
!.. إن شرطياً ورائي 

لافتة

أمس اتصلت بالأمل
قلت له: هل ممكن
أن يخرج العطر لنا
من الفسيخ والبصل؟
قال: أجل
قلت: وهل يمكن أن
تُشعل نار بالبلل؟
قال: بلى
قلت: وهل من حنظل
يمكن تقطير العسل؟
قال: نعم
قلت: وهل
يمكن وضع الأرض
في جيب زحل؟
قال: نعم.. بلى.. أجل
فكل شيء محتمل
قلت: إذن عربنا
سيشعرون بالخجل
قال: تعال ابصق على وجهي
!إذا هذا حصل 

إفتراء

 شعب أمريكا غبي
 كف عن هذا الهُراء
لا تدع للحقد
أن يبلغ حد الإفتراء
قل بهذا الشعب ما شئت
ولكن لا تقل عنه غبيا
أيقولون غبياً
!للغباء؟ 

ناقص الأوصاف

نزعم أننا بشر
!لكننا خراف
ليس تماماً.. إنما
في ظاهر الأوصاف
نُقاد مثلها؟ نعم
نُذعن مثلها؟ نعم
نُذبح مثلها؟ نعم
تلك طبيعة الغنم
لكنْ.. يظل بيننا وبينها اختلاف
نحن بلا أردِية
!وهي طوال عمرها ترفل بالأصواف
نحن بلا أحذية
!وهي بكل موسم تستبدل الأظلاف
وهي لقاء ذلها.. تثغو ولا تخاف
!ونحن حتى صمتنا من صوته يخاف
وهي قُبيل ذبحها
تفوز بالأعلاف
ونحن حتى جوعنا
!يحيا على الكفاف

!هل نستحق، يا ترى، تسمية الخراف؟ 

تقويم إجمالي

سألت أستاذ أخي
عن وضعه المفصّل
فقال لي: لا تسألْ
!أخوك هذا فطحلْ 
حضوره منتظم
سلوكه محترم
تفكيره مسلسلْ
لسانه يدور مثل مغزلْ
و عقله يعدل ألف محمل
ناهيك عن تحصيله
ماذا أقول ؟ كاملٌ ؟
كلاّ… أخوك أكمل
!ترتيبه، يا سيدي، يجيء قبل الأول 
!و عنده معدّلٌ أعلى من المعدل 
لو شئتها بالمجمل
أخوك هذا يا أخي ليس له
!مستقبل  

إلحاح

 ما تهمتي؟
 تهمتك العروبة
 قلت لكم ما تهمتي؟
 قلنا لك العروبة
 يا ناس قولوا غيرها
أسألكم عن تهمتي
!ليس عن العقوبة 

حالات

بالتمادي
يصبح اللصّ بأوربا
مديراً للنوادي
و بأمريكا
زعيماً للعصابات و أوكار الفسادِ
و بأوطاني التي
من شرعها قطع الأيادي
يصبح اللصّ
رئيساً للبلاد

حلم

وقفت ما بين يدي مفسر الأحلام
قلت له: "يا سيدي رأيت في المنام
أني أعيش كالبشر
وأن من حولي بشر
وأن صوتي بفمي، وفي يدي الطعام
وأنني أمشي ولا يتبع من خلفي أثر
فصاح بي مرتعدا: يا ولدي حرام
لقد هزئت بالقدر
يا ولدي، نم عندما تنام
وقبل أن أتركه تسللت من أذني أصابع النظام
!واهتز رأسي وانفجر 

أعياد

:قال الراوي
للناس ثلاثة أعياد
عيد الفطر
وعيد الأضحى
والثالث عيد الميلاد
يأتي الفطر وراء الصوم
ويأتي الأضحى بعد الرجم
ولكنّ الميلاد سيأتي
ساعة إعدام الجلاد
قيل له: في أي بلاد؟
:قال الراوي
من تونس حتى تطوان
من صنعاء إلى عمّان
من مكة حتى بغداد

قُتل الراوي
لكنّ الراوي يا موتى
علمكم سر الميلاد


عقوبة إبليس

:طمأن إبليس خليلته
لا تنزعجي يا باريس
إن عذابي غير بئيس
ماذا يفعل بي ربي في تلك الدار ؟
هل يدخلني ربي ناراً ؟
!أنا من نار 
هل يبلسني ؟
!أنا إبليس 
قالت: دع عنك التدليس
أعرف أن هراءك هذا للتنفيس
!هل يعجز ربك عن شيء ؟
ماذا لو علمك الذوق
و أعطاك براءة قديسْ
و حباك أرقّ أحاسيسْ
ثم دعاك بلا إنذارٍ
!أن تقرأ شعر أدونيس ؟ 

الأبكم

أيها الناس اتقوا نار جهنم
لا تسيئوا الظن بالوالي
فسوء الظن في الشرع محرم
أيها الناس أنا في كل أحوالي سعيد ومنعم
ليس لي في الدرب سفاح، ولا في البيت مأتم
ودمي غير مباح، وفمي غير مكمم
فإذا لم أتكلم
لا تشيعوا أن للوالي يداً في حبس صوتي
بل أنا يا ناس أبكم
!!.قلت ما أعلمه عن حالتي، والله أعلم 


الحاكم الصالح

وصفوا لي حاكما
لم يقترف، منذ زمان
!فتنة أو مذبحة
!لم يكذب
!لم يخن
!لم يطلق النار على من ذمّه
!لم ينثر المال على من مدحه
!لم يضع فوق فم دبابة
!لم يزدرع تحت ضمير كاسحة
!لم يجر
!لم يضطرب
لم يختبئ من شعبه
!خلف جبال الأسلحة
هو شعبيٌّ
ومأواه بسيط
!مثل مأوى الطبقات الكادحة

زرت مأواه البسيط، البارحة
!.. وقرأت الفاتحة 

وسائل النجاة

و قاذفات الغرب فوقي
و حصار الغرب حولي
و كلاب الغرب دوني
ساعدوني
مالذي يمكن أن أفعل
!كيلا يقتلوني ؟
 أنبذ الإرهاب
 ملعونٌ أبو الإرهاب
( !أخشى يا أخي أن يسمعوني )
أي إرهاب ؟!
فما عندي سلاح غير أسناني
!و منها جردوني 
 لم تزل تؤمن بالإسلام
 كلا
فالنصارى نصّروني
!ثم لما اكتشفوا سر ختاني… هودوني 
و اليهود إختبروني
ثم لما اكتشفوا طيبة قلبي
جعلوا ديني ديوني
أيّ إسلام ؟
أنا نَصَرايهُوني
 لا يزال إسمك طه
! لا… لقد أصبحت جوني 
 لم تزل عيناك سوداوين
 لا…بالعدسات الزرق أبدلت عيوني
 ربما سحنتك السمراء
 كلا… صبغوني
 لنقل لحيتك الكثّة
 كلا
حلقوا لي الرأس
و اللحية و الشارب
لا… بل نتفوا لي حاجب العين
!و أهداب الجفون 
 عربيٌ أنت
 No, don't be Silly, they
!ترجموني 
! لم يزل فيك دم الأجداد 
 ما ذنبي أنا ؟ هل بإختياري خلّفوني ؟
 دمهم فيك هو المطلوب، لا أنت
فما شأنك في هذي الشؤون ؟
قف بعيداً عنهما
! كيف، إذن، أضمن ألاّ يذبحوني ؟
 إنتحر
أو مُتْ
!أو استسلم لأنياب المنون  


حوار وطني

دعوتني إلى حوار وطني
…كان الحوار ناجحاً
أقنعتني بأنني أصلح من يحكمني
رشحتني
قلت لعلّي هذه المرة لا أخدعني
لكنّي وجدت أنّني
لم أنتخبني
!إنما إنتخبتني 
لم يرضني هذا الخداع العلني
عارضتني سراً
!و آليت على نفسي أن أسقطني 
لكنني قبل إختمار خطتي
وشيت بي إليّ
!فاعتقلتني 
…الحمد لله على كلٍّ
فلو كنت مكاني
!ربّما أعدمتني  

الببغاء

 قل لنا يا ببغاء
إن يكن فيك ذكاء
لم لا تخجل من ترديد ما تسمعه
صبح مساء
 لست إلا طائراً في قفص
لا أرض من تحتي، ولا فوقي سماء
أنا محكوم بقانون التدلي في الهواء
ليس لي أي عزاء
غير أن أجعل صوتي
..معبراً لي فوق موتي
أمنح السجان ما شاء
وأجني ما أشاء
أنا أعطيه هراء
وهو يعطيني غذاء
وأنا أهجوه في تقليده
أقسى الهجاء
إذ أنا أفقه ما قال
..ولا يفقه من قولي أنا
!حرف هجاء
هل يحق، الآن،
:أن أسألكم يا هؤلاء
إن يكن فيكم إباء
أو قليل من حياء
أو بقايا كبرياء
ما لكم مثلي
تعيدون هراء المستبدين
!وأنتم طلقاء؟ 

عروبتي

في بقعة منسية
خلف بلاد الغال
:قال لي الحمال
من أين أنت سيدي؟
فوجئت بالسؤال
أوشكت أن أكشف عن عروبتي
لكنني خجلت أن يقال
بأنني من وطن تسومه البغال
قررت أن أحتال
:قلت بلا تردد
أنا من الأدغال
حدق بي منذهلا
:وصاح بانفعال
!حقا من الأدغال؟
قلت: نعم
:فقال لي
من عرب الجنوب.. أم
!من عرب الشمال؟

المزيد من أشعار احمد مطر

الصفحه السابقه

الصفحه الرئيسيه